"الصندوق الخشبي: قصة طفل علّمتنا معنى الأمانة والندم"

![]() |
الرجل الصالح والكلب العطشان |
في يوم من الأيام كان هناك رجل صالح يمشي في الصحراء، وكان الجو شديد الحر، والشمس ترسل أشعتها الملتهبة على الرمال، وتزيد الجو حرارة فوق حرارته.
نفذ كل ما مع الرجل من الماء، و أحس بالعطش الشديد…
وكان يقول - في نفسه: لقد اشتد بي العطش والحر شديد، و مازال لدي سفر طويل في هذه الصحراء.. ماذا أفعل؟ نعم، لابد أن أبحث عن الماء هنا وهناك…
وأخذ هذا الرجل يبحث عن الماء في الصحراء الشديدة الحرارة؛ فسار يمينًا ثم ساره يسارًا بلا فائدة.
شعر الرجل بالتعب فاسترح بعض الوقت…
ثم واصل سيره يبحث عن الماء، حتى وجد بئرًا… فقال بأعلى صوته: بئر ماء! الحمد الله! أخيرًا وجدت الماء، الحمد الله…
كدت أموت عطشًا في هذا الجو، شكرًا لله الذي لا ينسى عباده.
وجد الرجل في طريقه بئرًا.. ففرح فرحًا شديدًا، ونظر في البئر، فوجدها عميقة، ووجد الماء بعيدًا.. وحدث نفسه قائلًا: ماذا أفعل، وليس معي حبل ولا إناء أملأه بالماء؟ ساعدني يارب! كما هديتني إلى هذا البئر، ورزقتني هذا الماء - بفضلك وكرمك.
أخذ يفكر، وقال: نعم ليس أمامي إلا النزول؛ فالعطش يكاد يقتلني..
نزل الرجل إلى قاع البئر، وأخذ يشرب حتى امتلأت بطنه من الماء.. الحمد الله! الحمد الله! لقد ارتويت..
بعد أن خرج الرجل من البئر التفت فوجد كلبًا يلهث من العطش، و يزحف على الأرض..
يا إلهي! ماذا يفعل هذا الكلب المسكين هنا؟ سبحان الله! إن الكلب يلعق التراب المبتل الذي حول البئر من شدة العطش؛ إنه يكاد أن يموت من العطش…
حدث الرجل نفسه قائلًا: لقد حدث لهذا الكلب المسكين مثل ما حدث لى، وهو الآن يشعر بما كنت اشعر به منذ لحظات..
لابد ان اسقيه، نعم لابد أن أسقيه، وانقذه من الموت عطشًا - لكن ماذا أفعل؟ وليس معي إناء لأحضر به الماء من البئر.
على أن أفكر جيدًا في طريقة، لأسقي بها هذا الكلب المسكين.
أخذ الرجل يفكر في وسيلة يسقى بها الكلب.. هل أحمل الكلب وأنزل به إلى البئر لكي يشرب؟
لا، لا، فلن أستطيع النزول به..
احتار الرجل ماذا يفعل؟
على أن أفكر جيدًا وبسرعه في وسيلة أخرى أسقي بها هذا الكلب المسكين! ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟
أخيرًا جاءته فكرة عجيبة.. نعم، لقد وجدتها..
خلع الرجل حذاءه، وجرى إلى البئر، ونزل فيه مرة أخرى..
و ملأه بالماء ثم أمسك الحذاء الممتلئ بالماء بفمه، ثم تسلق البئر بيديه ببطء وبحرص شديد؛ حتى لا يسقط الماء من حذائه الذي أمسكه بفيه..
ثم أكمل الصعود بصعوبة بالغة، حتى وصل إلى قمة البئر…
أخيرًا… الحمد لله على عونه ومساعدته لعبده الضعيف… خرج الرجل من البئر بسرعة، وأمسك الخف وقربه من فم الكلب العطشان، وأخذ يسقيه حتى ارتوى…
الحمد لله الذي أنقذ به نفسًا من الموت، وله الحمد أولًا على أنقذني، وسقاني بعد عطش شديد، كاد أن يقتلني.. حقًا إن الله لا ينسى عباده ومخلوقاته التي تكفل برزقها جميعًا، ولعله يرحمني، كما رحمت هذا الكلب الضعيف، واشفقت عليه، من العطش الشديد الذي أصابه - كما أصابني - من قبل - فى هذا الجو الحار…
وبعد هذا الجهد الكبير الذي بذله هذا الرجل المحسن مع هذا الكلب المسكين، شكر الله - سبحانه وتعالى - له هذا العمل، وأدخله الجنة - برحمته؛ كما رحم هذا الكلب الضعيف…
تعليقات
إرسال تعليق