"الصندوق الخشبي: قصة طفل علّمتنا معنى الأمانة والندم"

 

في إحدى القرى الهادئة، كان يعيش طفل صغير يُدعى "علي". كان علي في التاسعة من عمره، وكان مشهورًا بين أهل القرية بذكائه وفضوله، لكنه أحيانًا كان يتهور ويقوم بأشياء دون أن يفكر في عواقبها.

في أحد الأيام، بينما كان علي يلعب مع أصدقائه في الحقل القريب من بيت جده، لمح شيئًا غريبًا يلمع تحت شجرة قديمة. اقترب منه بفضول، فوجد صندوقًا خشبيًا صغيرًا مغلقًا بإحكام، يبدو عليه القِدم، ومغلف بقطعة قماش مهترئة.

حمله علي سريعًا وركض نحو أصدقائه، وفتحوا الصندوق معًا، فوجدوا بداخله بعض العملات القديمة ورسالة مكتوبة بخط اليد تقول:

"هذا الصندوق أمانة، من يجده فليُعده لأصحابه الحقيقيين، فليس كل ما تجده لك."

ضحك أصدقاء علي وقال أحدهم:

– "أكيد ده كنز قديم، خلاص بقى بتاعنا دلوقتي!"

لكن علي ظل يفكر… الرسالة كانت واضحة، وفيها كلمة "أمانة"، وهي كلمة طالما سمعها من والده وجدّه.

رجع علي إلى بيته وفي قلبه حيرة:

– "هل آخذ الصندوق لجدي؟ ولا أسيبه مع أصحابي؟ طب لو قلت لجدي، هيزعل؟ ولو سكت، هبقى سرقت؟"

في المساء، قرر علي أن يخبر جده بالقصة كلها. جلس أمامه وقال بصوت خافت:

– "جدو، لقيت حاجة في الحقل... ولقيت معاها رسالة، بس أصحابي مش عايزين نرجعها."

نظر إليه جده بعينين فيهما حب وفخر وقال:

– "يا علي، الأمانة مش بس إنك ترجع حاجة مش بتاعتك، دي كمان إنك ما تسكتش عن الغلط. أنت عملت الصح لما جيت تحكيلي."

أخذ الجد الصندوق، ونظر إليه مليًا، ثم ابتسم وقال:

– "أنا أعرف الصندوق ده. ده صندوق والد صديقي القديم، كان فقده من سنين طويلة. واضح إن الزمن خباه لغاية ما جه طفل أمين زيك ولقاه."

في اليوم التالي، ذهب علي مع جده إلى بيت الرجل صاحب الصندوق. وعندما رأى الرجل الصندوق، دمعت عيناه وقال:

– "ده صندوق أبويا... كنت فاكر إني مش هشوفه تاني. ربنا يبارك فيك يا ابني."

قبّل الرجل رأس علي وأهداه كتابًا قديمًا وقال له:

– "ده كتاب أبويا، فيه قصص وحكم وأدعية. خده هدية ليك، علشان ما نساش اللي عملته."

رجع علي إلى بيته وقلبه مليان سعادة، مش بس لأنه رجّع الأمانة، لكن كمان لأنه حس إنه عمل حاجة كبيرة رغم إنه طفل.

وبعد أيام، حكى جده القصة لأهل القرية، وصار علي مثلًا يُحتذى به، وكل طفل في القرية كان يتمنى يكون أمين زيه.

ومن يومها، تغيّر شيء في قلب علي. كل ما يشوف حاجة مش بتاعته، يرجّعها من غير ما يفكر، وكل ما يشوف أصحابه بيعملوا حاجة غلط، ينصحهم ويشرح لهم الصح من الغلط.

وفي يوم، كتب علي قصة "الصندوق الخشبي" في كراسة التعبير، وقرأها في الإذاعة المدرسية، فصفق له الجميع، وأصبح نموذجًا يُحتذى به في الأمانة والشجاعة.

---

📌 العِبر المستفادة من القصة:

1. الأمانة خلق عظيم: الطفل علي تعلّم أن الأمانة مش بس في الأموال، لكنها كمان في الكلام والمواقف والقرارات.

2. الاعتراف بالحق مش ضعف: لما علي حكى لجده، حسّ إنه ارتاح، بدل ما يفضل قلقان.

3. القدوة تبدأ من الصغر: علي كان طفل، لكن تصرفه أثر في الكبار قبل الصغار.

4. كل فعل له نتيجة: الأمانة رجّعت له حب الناس واحترامهم، وكمان هدية لا تُقدّر بثمن.

5. رسائل الماضي قد تغيّر الحاضر: الصندوق رسالة من الماضي، لكن رد فعل علي غيّر حياة إنسان.