السيرة النبوية للأطفال، عن الهجرة إلى الحبشة ورحلة الطائف والإسراء والمعراج ( الجزء الخامس).

الهجرة إلى الحبشة 

لما اشتد إيذاء الكفار للمؤمنين الطيبين، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتركوا بلدهم مكة، ويهاجروا إلى بلاد الحبشة، لأنه فيها ملكًا عادلًا (اسمه النجاشي)، لا يظلم عنده أحد. 

خرج عدد من المسلمين ما بين ماش وراكب حتى وصلوا إلى البحر، فاستأجروا سفينة حملتهم إلى الحبشة، وخرج بعض الكفار وراءهم، ولكنهم لم يدركوا منهم أحدًا. 

وعاش المؤمنون الطيبون في الحبشة آمنين، يعبدون الله بحرية ولا يؤذيهم أحد. 


دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أهل الطائف 

توفي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، من بعده في نفس العام توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها، فخرج إلى بلد آخر اسمه : الطائف، بجوار مكة، يدعو أهله إلى الإسلام، حتى ينصروه على قومه، فخرج إليها ماشيًا على قدميه وعي قرابة ثمانين كيلو متر تقريبًا، وكان معه خادم له صغير اسمه (زيد بن حارثة). 

جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة رؤساء منهم، ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، إلا أنهم كانوا أشرارًا، فلم يؤمنوا به، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم ييأس وأقام بي أهل الطائف عشرة أيام يدعوهم، ولكنهم طردوه من بلادهم. 

وعندما أراد الخروج من بلدهم تبعه صبيانهم وعبيدهم يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى أصيبت قدماه صلى الله عليه وسلم، وسالت الدماء على حذائه. 

وكان زيد بن حارثة يحميه بنفسه حتى جرح رأسه. 

قصة الإسراء و المعراج 

أراد الله أن يخفف عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد همومه بسبب ما وجد من أهل الطائف، فقد كانوا أسوأ من أهل مكة، فكان الإسراء والمعراج الذي شاهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى، وملكه العظيم ما ملأ نفس الرسول رضي عن الله، وقلبه نورًا وطمأنينة. 

و الإسراء : هو إذهاب الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى في جزء من الليل وصلاته بالأنبياء، ثم رجوعه في نفس الليلة. 

والمعراج : هو إصعاده صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس إلى السموات السبع، وما فوقها، حيث فرضت الصلوات الخمس، ورأى الجنة والنار، ثم رجوعه إلى بيت المقدس ومنه إلى مكة، وكل ذلك في نفي الليلة. 

فلما أتى الصباح صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، ثم خرج ليخبر أهل مكة بما أراه الله عز وجل في الليل، فتعجبوا من كلامه، ولم يصدقوه. 

ولكنهم سألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فأظهر الله له، حتى رآه أمامه، ووصفه لهم بالتفصيل، فلم يستطيعوا أن يردوا عليه شيئًا.

وقد سمي أبو بكر رضي الله عنه صديقًا؛ لتصديقه كلام النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته هذه حين لم يصدقه سائر الناس. 


النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس من قبائل العرب لنصرته

في كل عام كان الناس من قبائل العرب الأخرى يأتون مكة من كل مكان ليحجوا ويطوفوا حول الكعبة. 

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إليهم يدعوهم إلى الله تعالى وإلى ما جاء به من الدين الحق. 


دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لحجاج المدينة وبدء إسلام الأنصار 

دعا النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من شباب المدينة من قبيلة الخزرج، وكانوا ستة رجال، وعرفهم أنه نبي هذا الزمان الذي اختاره الله. 

وكان في المدينة يهود، وكان أهل المدينة يسمعون من اليهود يقولون : إن نبيًا من الأنبياء سيخرج قريبًا في هذا الزمان فنتبعه، ونقاتلكم معه، فنقتلكم جميعًا. 

فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الشباب، ودعاهم إلى الله، التفت بعضهم إلى بعض، وتشاوروا بينهم وقال بعضهم لبعض : إنه والله النبي الذي أخبرنا عنه اليهود، فلا يسبقنكم إلى الإيمان به. 

فأسلموا جميعًا، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم. 


بيعة العقبة الأولى 

لما رجع هؤلاء الشباب إلى المدينة أخبروهم بما حدث لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام. 

وبعد سنة كاملة تقابلوا مرة ثانية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم الحج، وكانوا اثني عشر رجلًا في مكان اسمه (العقبة). 

واتفق معهم النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقًا على أشياء، وهي : أن يعبدوا الله وحده، وألا يعبدوا أحدًا معه، وأن يطيعوه إن أمرهم بخير، ولا يخالفوا أمره.. على أن لهم الجنة إن هم فعلوا ذلك. 

وكان اسم هذا الاتفاق : بيعة العقبة الأولى. 


بيعة العقبة الثانية

وبعد أن تم هذا الاتفاق أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير؛ ليعلم المسلمين في المدينة القرآن، وأحكام دين الإسلام، ويقوم بنشر الإسلام بين الذين لم يدخلوا فيه. 

وقبل أن يأتي موسم الحج التالي عاد مصعب بن عمير إلى مكة يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجاحه في نشر دعوة الإسلام في المدينة، وإيمان كثير من رؤسائهم وكبرائهم. 

تشاور بعض الأنصار فيما بينهم، فقالوا : حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة؟ واتفقوا أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إليهم. 

وفي موسم الحج التالي خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار، وقابلوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلًا في العقبةَ، مستخفين. 


شرط بيعة العقبة الثانية

تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ القرآن، ورغب في الإسلام، ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني (أى : تحموني) مما تمنعون منه نساءكم، وأبناءكم.. ولكم الجنة. وسأصبح واحدًا منكم، أحارب من حاربتم، و أسالم من سالمتم. 

فوافق الأنصار وقالوا : امدد يدك يارسول الله، فمد يده، فقاموا كلهم يبايعونه. 


الجزء السادس من السيرة النبوية للأطفال، هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة 👉
تعليقات