السيرة النبوية عن هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم من مكة الي المدينة للأطفال، (الجزء السادس).

 الهجرة إلى المدينة 

أذن الله للمسلمين بالهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى رؤيا في المنام أنه هاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فعلم صلى الله عليه وسلم أنها المدينة، فأمر المسلمين أن يهاجروا إليها، حتى يعبدوا الله هناك بعيدًا عن أذى الكفار الأشرار. 


اجتماع المشركين في دار الندوة

أحس الكفار بخطورة الأمر، لأنهم كانوا يخافون من خطر انتشار الإسلام، فاجتمع رؤساؤهم في دار الندوة يتشاورون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم. 

فقال أحدهم : اربطوه في سلاسل من حديد، احبسوه في مكان لا يعلم به أحد، حتى يموت. وقال آخر : بل اخرجوه من بلدكم.

ثم قال أبو جهل : نختار من كل قبيلة شابًا قويًا، ثم نعطي كل واحد منهم سيفًا قويًا ثم يهجمون عليه، فيضربوه في وقت واحد فيقتلوه، فنستريح منه، ولن يستطيع أهله أن يقاتلوا جميع القبائل. 

وافق جميع الكفار الأشرار على هذا الرأى الأخير، وقالوا : هذا أفضل رأى.. وكان الكفار يظنون أنه لا يراهم ولا يسمع خطتهم أحد. 


تنفيذ الخطة الشيطانية

علم الله بما يدبره الكفار الأشرار، فأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، وأمره بالهجرة، فذهب صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يخبره أن الله أذن له في الهجرة، واتفق معه على خطتهم وطريقهم في الهجرة.

وأمر صلى الله عليه وسلم تلك الليلة أن ينام على فراشه، و يتغطى بثوبه، وكان على غلامًا شجاعًا قويًا، وأخبره أنه لن يصيبه أذى. كما أمره أن يؤدي الأمانات التي كان يضعها الناس عنده إلى أصحابها. 

فلما أتى الليل، جاء الشباب الكفار بسيوفهم إلى بيته صلى الله عليه وسلم سرًا، واجتمعوا على بابه ينتظرون أن يقوم من نومه، ويخرج ليصلي صلاة الفجر، وعندها سيهجمون عليه. 


ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته، وأخذ كفا من تراب، فنثره على رؤوسهم، فأعمى الله أبصار الكفار عنه صلى الله عليه وسلم فلم يروه وهو خارج من بين صفوفهم، وذهب صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه الذي كان ينتظره، فخرجا من باب صغير في ظهر بيته رضي الله عنه حتى لا يراهما أحد، وخرجا من مكة سريعًا قبل أن يطلع الفجر، وسلكا طريقًا غير معهودة، حتى وصلا إلى غار ثور. 

وبقي الكفار ينتظرون خروج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه تأخر، فنظروا من فتحة الباب، فلما رأوه قالوا: والله إن هذا النائم لمحمد، عليه ثوبه الذي نعرفه، فلم يذهبوا حتى أتى الصباح. فقام علي عن الفراش، فتفاجئوا به، وسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لا أعلم أين هو. 


في غار ثور

ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه إلى غار قال أبو بكر له : والله لاتدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء مؤذ أصابني أنا. وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في الغار ثلاثة أيام. 


لا تحزن إن الله معنا

أما كفار مكة الأشرار فقد أشتد غيظهم، وخذوا يراقبون جميع الطرق حول مكة، و أعلنوا عن مكافأة كبيرة مقدارها مائة جمل، لمن يعيد أحدهما حيًا أو ميتًا.

وحينئذ أسرع الناس يتتبعون آثار الأقدام إلى غار ثور، ووقفوا أمام الغار، وليس بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر سوى مسافة قريبة. 

حتى إن أبا بكر رأى أرجلهم، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا وكان خائفًا جدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحزن إن الله معنا. أى : لا تخف من الكفار؛ فإن معنا من أقوى وأكبر منهم؛ وسيحمينا وينصرنا عليهم؛ لأننا على الحق، وهم على الباطل. 

وأعمى الله أبصار الكفار عن نبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه، ورجع المطاردون له خائبين يائسين. 



وصول النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة 

علم أهل المدينة بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم من مكة، فكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى مداخل المدينة ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشتاقون بقدومه إليهم، ولا يعودون إلى بيوتهم إلا إذا اشتد الحر وقت الظهر. 

وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، واستقبله أهلها في البيوت والطرق بأصوات الحمد والتسبيح، وتغنت بنات الأنصار بالأناشيد وهم في غاية الفرح والسرور. 

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء.). 

الجزء السابع من السيرة النبوية عن غزوة بدر الكبرى 👉👉

تعليقات